الزمن اللازم للقراءة: 10 دقيقة
وضع بناء الكنائس في مصر تحت حكم السيسي

"مستقبل أكثر شمولا" أم إلى "بروبجندا إعلامية؟

مقالة خاصة
كاتدرائية ميلاد السيد المسيح
من زيارة وزير الخارجية الأمريكي، بومبيو، إلى كاتدرائية ميلاد المسيح في مصر. من وزارة الخارجية الأمريكية

باتت قصة ترميم وبناء الكنائس مكررة ومعادة، وتكاد تكون السبب الرئيسي لمعظم النزاعات الطائفية في مصر. فما هو القانون المنظم لبناء دور العبادة في مصر؟

المشهد الأول: يوم الأحد الموافق ٦ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٩، افتتاح مسجد الفتاح العليم وأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية الجديدة. تنقل قناة CTV القبطية، خلال احتفالات عيد الميلاد المجيد، "خطبة البابا" من مسجد الفتاح العليم، وتظهر في أعلى الشاشة على اليمين شارة حمراء كتب عليها "عيد ميلاد مجيد" ويملئ الشاشة صورة الواجهة الأمامية للمسجد ومكتوب في أسفل الشاشة "أشهد أن لا إله إلا الله"!

 

المشهد الثاني: يوم الخميس الموافق ١٠ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٩، خلال زيارته لمصر، يقوم وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، بزيارة الكاتدرائية ويصرح بأنها "إشارة أمل لمصر وللشرق الأوسط أجمعه،" وأضاف إنها تعبر عن التعايش السلمي وضمان "الحريات الدينية" في ظل الجهود المبذولة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

 

المشهد الثالث: يوم الجمعة الموافق ١١ يناير ٢٠١٩، احتشاد أكثر من ألف متظاهر حول مبنى صغير يقيم المصريين الأقباط فيه صلواتهم، في قرية منشية الزعفرانة في المنيا. يهتف المتجمهرون بعبارات مسيئة وتحريضية في وجود قوات الأمن، مطالبين بغلق المكان. لم ينتهي المشهد، بل اكتمل عندما ظهر مسئول الأمن يطالب المتجمهرين بالهدوء، حتى تستطيع الشرطة التدخل، وبالتالي يجب أن يفسحوا لهم الطريق حتى إن كان هناك أحد متواجد بالمكان "نخش ونطلعه ونمشي من هنا خالص" كما قال مسئول الأمن!

 هل تحسن وضع الأقباط بالفعل تحت حكم السيسي، وأصبح هناك إرادة سياسية لمعالجة مشاكل بناء وترميم الكنائس التي عانى منها الأقباط لفترات طويلة؟

هناك لبس وصورة مشوشة، تبث إشارات مختلفة، بل متناقضة، عند وضع تلك المشاهد جنبا إلى جنب. على الجانب الأول: هناك إشارات لأجواء احتفالية بإنجازات السلطة الحاكمة في مجال تعزيز الحريات الدينية والتعايش السلمي، وتتمثل في افتتاح صروح كبيرة للعبادة وتجميع القيادات الدينية، في مشهد تاريخي للبابا تاوضروس من مسجد الفتاح العليم، ثم مشهد افتتاح السيسي لأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، وتهنئته للأقباط بعيد الميلاد المجيد، في ظل مباركات دولية لجهود الرئيس السيسي في دعم حقوق المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية. ولكن على الجانب الآخر، هناك إشارات لأجواء محتقنة وبها توتر ومزيج من مشاعر الضغينة والكره والخوف من الآخر، مع إذعان مؤسسات الدولة (متمثلة في الشرطة) لرغبة المتظاهرين، الذين في حقيقة الأمر كانوا بالفعل يهددون السلم العام وسلامة مواطنين آخرين!

 

أي المشهدين يعبر فعلاً عن أرض الواقع؟ هل تحسن وضع الأقباط بالفعل تحت حكم السيسي، وأصبح هناك إرادة سياسية لمعالجة مشاكل بناء وترميم الكنائس التي عانى منها الأقباط لفترات طويلة؟ أم أنها فقط بروبجندا إعلامية لتحقيق أهداف سياسية؟

 

بداية، تختلف القوانين المنظمة لبناء الكنائس عن تلك المنظمة لبناء المساجد. بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ كانت هناك مطالب لوجود قانون موحد ينظم بناء دور العبادة، ولكن هذه المطالب قوبلت بالرفض من قبل المؤسسات الدينية الإسلامية وبعض القوى السياسية الإسلامية، وبعد وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في يونيو ٢٠١٢، اختفت تلك المطالب.

 

قضية بناء الكنائس ترجع في جذورها إلى وقت دخول الإسلام إلى مصر، ولكن تشريعيا كان لكل من "الخط الهمايوني" و"شروط العزبي باشا العشرة" التأثير الأكبر. بالنسبة "للخط الهمايوني" الصادر في ١٨٥٦، من السلطان العثماني، والذي كان يهدف إلى تنظيم دور العبادة لغير المسلمين في الدولة العثمانية، وأعطى حق إصدار موافقات على بناء الكنائس لرأس الدولة. واستمر قرار الموافقة النهائية لبناء وترميم الكنائس في يد رأس الدولة، سواء كان الخديوي أو الملك أو رئيس الجمهورية، حتى أصدر الرئيس المعزول محمد حسني مبارك قرارا جمهوري في ١٩٩٨ بتفويض حق إصدار تراخيص الترميم للمحافظين، ثم أصدر الأخير قرار جمهوري آخر في ٢٠٠٥ لنقل سلطة إصدار موافقات نهائية لبناء الكنائس للمحافظين ايضاً.

 

وبالنسبة لشروط العزبي باشا العشرة، التي وضعها وكيل وزارة الداخلية "العزبي باشا" في فبراير ١٩٣٤، فهي أقرب إلى التعجيزية من كونها تنظيمية.  حيث شملت الشروط توافر مساحة معينة بين الكنيسة المزمع بناؤها وبين أقرب مسجد (مع العلم أنه لا يوجد هذا الشرط عند بناء المساجد)، وتحديد أقرب كنيسة لنفس الطائفة في البلد المجاورة، والحصول على موافقة من المسلمين الذين يسكنون في المنطقة إذا كانت المنطقة ذات أغلبية مسلمة، مما أضاف بعد اجتماعي قد يعطل أو حتى يعرقل بناء الكنيسة.

 هل تمّ تغيير التشريعات في عهد السيسي حقاً، أم أن هذه المناورات لا تتعدى كونها واجهة لتلميع صورة نظام السيسي؟

توالت أنظمة حكم مختلفة على مصر، وصدرت عدة قوانين لتنظيم بناء دور العبادة، ولكن في الحقيقة لم يغير أي منهم العملية المعقدة لبناء وترميم الكنائس، بل زادوا الأمر تعقيدا، بسبب انتظار موافقات أمنية، كانت في الأغلب تستغرق الكثير من الوقت حتى تصدر كتابيا أو شفهيا، أو لا تصدر إطلاقا!

 

يشرح إسحق إبراهيم، الباحث والمسئول عن ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، " نتجت عن تلك العراقيل القانونية والاجتماعية نوعين من المشاكل لبناء الكنائس. أولاً: مناطق محرومة من وجود كنائس، لأسباب قانونية و/أو اجتماعية يعاني أهلها من المسيحيين من عدم وجود مكان لإقامة صلواتهم، ثانيا: كنائس البيوت، وهي عبارة عن بيوت أعتاد مصلين مسيحيين استخدامها للصلاة وأصبحت "كنيسة" ولكنها بدون منارة أو صليب. حصلت تلك الكنائس على موافقات شفهية من الأجهزة الأمنية وأصبحت متعارف عليها عند الجيران المسلمين، ولكن ليس لديها تصاريح رسمية." ويضيف الباحث والمسئول عن برنامج الأقليات والحريات الدينية في المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مينا ثابت: "تلك العراقيل القانونية والاجتماعية تنبع من فكرة الذميّة. حيث يتم التعامل مع أي تشريع خاص بالمسيحيين من مبدأ ضمان سيادة المسلمين على المسيحيين، وبقائهم في خانة "أهل الذمّة"، وليس من مبدأ المواطنة!" وبالتالي مشكلة بناء الكنائس باتت تواجه مشاكل قانونية واجتماعية وثقافية.

 

ويبقى السؤال القائم: هل تمّ تغيير التشريعات في عهد السيسي حقاً، أم أن هذه المناورات لا تتعدى كونها واجهة لتلميع صورة نظام السيسي، وتصويره على انه الشخص الذي يعمل جاهداً لتحقيق السلم الأهلي والتعايش المشترك؟

 

في سبتمبر ٢٠١٦ أصدر قانون رقم ٨٠ الخاص بتنظيم بناء وترميم الكنائس، وسط ترحيب من بعض القيادات الدينية المسيحية، حيث اعترف القانون بالمشاكل التي تواجه ترميم الكنائس القائمة، وحاول تقديم بعض الحلول لها، وبالتالي طرح حل لأحد أهم أسباب معظم التوترات الطائفية، الحاصلة في مصر، مما يساهم في تخفيف وتيرة العنف والنزاع الطائفي.

 

ولعل أهم مواد هذا القانون والتي أعطت بصيص من الأمل لتحسن وضع الأقباط كانت، المادة الخامسة التي تنصّ على أن "يلتزم المحافظ المختص في البت في الطلب (للحصول على موافقات ترخيص)، بعد التأكد من استيفاء كافة الشروط في مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ تقديمه،" بالإضافة إلى التزام المحافظ "في حالة رفض الطلب يجب أن يكون قرار الرفض مسببا."

 "كل هذه التغيرات تبقى محدودة التأثير جدا، وأقرب للبروبجندا والاستعراض الإعلامي"

كما نص القانون في المادة ٨ على تشكيل لجنة تختص في دراسة أوضاع الكنائس والمباني التي لا تملك تصاريح أو تراخيص مكتوبة ولم تحصل على مستندات رسمية لبنائها و/او ترميمها، وتلتزم اللجنة بتقديم الحلول اللازمة لتوفيق الأوضاع. كما نصت المادة على أنه "وفي سائر الأحوال لا يجوز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من المباني المشار إليها أو ملاحقتها لأي سبب كان."

 

وقد تم بالفعل تشكيل اللجنة بموجب القرار الوزاري رقم ١٩٩، الذي صدر في يناير ٢٠١٧. وتجمع اللجنة ٦ وزراء إلى جانب ثلاثة ممثلين عن المخابرات العامة والرقابة الإدارية والأمن الوطني بوزارة الداخلية، بالإضافة إلى ممثل واحد من الطائفة المعنية. وأعطت اللجنة مهلة للكنائس التي تريد توفيق أوضاعها حتى ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧.

 

ولكن المشهد لم يكتمل، حيث أن هناك تقصير في دائرة تنفيذ تلك القوانين، إلى جانب انتهاك مواد القانون من قبل مؤسسات الدولة، "كل هذه التغيرات تبقى محدودة التأثير جدا، وأقرب للبروبجندا والاستعراض الإعلامي" يقول إسحق إبراهيم " لأن طلبات المسيحيين في القرى لم تلبى. يحتاج مسيحيو القرى كنائس، ولا يمتلكون القدرة على بنائها. لازال الأقباط يضطرون في بعض الأحيان السير لمسافات تصل إلى ١٠ – ١٥ كم من أجل الوصول إلى كنائس،" ويضيف أنه "مادام هناك صعوبات تواجه المسيحيين عند بناء الكنائس في الأماكن التي يحتاجون بها كنيسة، ستبقى كل القرارات الأخرى مجرد قرارات تسعى بالأساس لتحقيق أهداف سياسية!"

 

كما سجِّل حالات انتهاك القانون بحسب توثيق بعض المنظمات. حيث لم يلتزم المحافظون بفترة الأربع أشهر المحددة في المادة رقم ٥ للبتّ في الطلبات المقدمة، كما حدث في محافظة سوهاج، حيث لم يتلقى ممثل الكنيسة الأرثوذكسية الرد بعد تقديمه أوراق بناء الكنيسة في مركز طهطا.

 المفوضية رصدت ١٦ واقعة تم فيها منع المسيحيين من ممارسة معتقداتهم الدينية من قبل سلطات الأمن

وفي الفترة ما بين ٢٨ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٨، وفي انتهاك صارخ للمادة الثامنة من القانون، قامت مؤسسات الدولة بإغلاق ٩ كنائس بشكل نهائي، وكنيستان تم غلقهما مؤقتاً، كما وثقت المبادرة المصرية في دراسة بعنوان "مع إيقاف التنفيذ: عام على لجنة توفيق أوضاع الكنائس."

 

ونشرت المفوضية المصرية بيان صحفي في نوفمبر ٢٠١٨ يدين حادث إرهابي استهدف الأقباط. يفيد "مينا ثابت" أنه على الحكومة المصرية "أولا: حماية الحق وضمان عدم التعدي عليه من أشخاص أو مجموعات آخرى، ثانيا: احترام الحق ويعني عدم تعدي مؤسسات الدولة نفسها على حقوق الأفراد والمجموعات! ولكن المفوضية رصدت ١٦ واقعة تم فيها منع المسيحيين من ممارسة معتقداتهم الدينية من قبل سلطات الأمن، بحجة عدم وجود تراخيص للصلاة أو رضوخا لمطالب بعض المتشددين بالقرى بعدم السماح للمسيحيين بالصلاة، وذلك بعد صدور قانون بناء الكنائس في ٢٠١٦."

 

وفي بيان صدر عن إبراشية المنية في ١١ يناير ،٢٠١٨ في أعقاب أحداث منشية الزعفرانة، اشارت إلى "رغم أنه ليس المكان الأول الذي يغلق، إلا أن القاسم المشترك في كل مرة هو الإذعان لرغبة المتشددين كأن الكلمة أصبحت لهم."

 

لم يكن عمل اللجنة بعيد عن المشهد، فيقول إسحق إبراهيم "أن عدد الكنائس والمباني التي قدمت اوراقهم كانت ٣٧٣٠، تم اختيار ٦٢٧ وتنقسم قرارات اللجنة إلى نوعين. الأول، موافقات نهائية، ولكن لم تحصل أغلب الكنائس على أوراق رسمية من مؤسسات الدولة تفيد بتوفيق أوضاعها، والثاني، ٣٤٠ موافقة مشروطة وبالتالي هي موافقات مع وقف التنفيذ، وإذا لم تتحقق الشروط المذكورة في الموافقة تكون الموافقة لاغية أو مؤجلة. هذه الشروط أيضا تعسفية وتعجيزية، حيث تم مطالبة بعض الكنائس بتركيب نظام حماية أمنية (بوابات إلكترونية – أجهزة انذار وسلالم طوارئ) رغم عدم وجود مثل تلك الأنظمة حتى في المباني الحكومية والخدمية حول الكنيسة. فالكنيسة بالتالي مطالبة بتحمل تكلفة مادية عالية، وغير عادلة حيث لا تطلب تلك الأنظمة في مباني أخرى!"

 ولكن هل هناك انعكاس ايجابي لتغير خطاب الرئاسة على واقع الأقباط؟

كما افتقر عمل اللجنة أيضا لمعايير الشفافية ولا توجد آلية عمل واضحة، فبحسب إبراهيم "لا نعرف لماذا تم اختيار تلك الكنائس كدفعة أولى، لا توجد آلية واضحة لتحديد أولويات اختيار الكنائس"، ويضيف " ذلك بالإضافة إلى بطء عمل اللجنة، حيث إذا قمنا بحساب الوقت المستلزم لتوفيق أوضاع ٣٧٣٠ بالوتيرة المعمول بها الآن، ستستغرق اللجنة من ١٠ – ١٢ عاما! مع العلم إن معظم تلك الكنائس لا تقع في أماكن بها توترات طائفية."

 

ويأكد مينا ثابت "لماذا يجتمع وزراء وممثلي المخابرات والأمن الوطني والرقابة الإدارية لتوفيق أوضاع كنائس؟ هناك مركزية تعقد وتعطل حل المشكلة القائمة، كما أن هناك دائما الطابع الأمني الذي يحب أن يضفي على تلك اللجان، ولا أنكر أهمية تدخل المؤسسات الأمنية، ولكن أرفض التعامل مع المشكلة على إنها أمنية حصرا. حيث أن للمشكلة جوانب أخرى."

 

إن الرئيس، عبد الفتاح السيسي، يعدّ أول رئيس مصري يزور الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث زارها بنفسه في عيد الميلاد لتهنئة الأقباط ولتقدمة التعازي في الضحايا الأقباط بعد عدد من الأحداث الإرهابية التي استهدفتهم. بدلا من إيفاد مندوب، كما اعتاد من سلفه في المنصب. كما ان الخطاب الرئاسي مع الكنيسة والبابا قد تغيّر فعلاً، وحرص السيسي على الإيفاء بوعده، وبناء كاتدرائية ميلاد المسيح، أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في العيد ال٥٠ لبناء الكاتدرائية المرقسية.  بالإضافة إلى تشديده على تخصيص أراضي لبناء كنيسة في كل المدن الجديدة.

 "لا يمكن اختصار المسيحيين في البابا، هذا في جوهره لا يغير من واقع الأقباط."

وفي فيديو أشار إليه إسحق إبراهيم، إن الرئيس السيسي وخلال افتتاح مشروع المحروسة في مدينة السلام، في ديسمبر ٢٠١٨، سأل أحد المسؤولين عن المكان المخصص لبناء الكنيسة. وذكرت دراسة "محلك سر: عام على قانون بناء وترميم الكنائس" الصادرة في نوفمبر ٢٠١٧ عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنه بموجب قرارات رسمية تم تخصيص ٦ قطع أراض لبناء كنائس في المدن الجديدة. ولكن هل هناك انعكاس ايجابي لتغير خطاب الرئاسة على واقع الأقباط؟

 

يصف مينا ثابت المشهد ويقول "لا يمكن اختصار المسيحيين في البابا، هذا في جوهره لا يغير من واقع الأقباط. كما أن الخطاب الرئاسي لم يغيّر من خطاب بعض المسؤولين، مازال بعضهم يستخدم مصطلح "الأخوة الأقباط"، وكأن الأقباط ليسوا مصريين. إن الأقباط مواطنون، ولا يعيشون في كنف أو حماية الأغلبية المسلمة."

 

ويقول خليل المصري، استشاري لهيئة الإغاثة الكاثوليكية ومؤسس حركة "سلمية،": "مازالت المناهج التعليمية، خاصة مناهج الأزهر، ترسخ خطاب كراهية،" ويضيف "لا توجد إرادة سياسية حقيقية لتغيير الواقع، حيث لا توجد استراتيجية واضحة تعمل على تغيير خطاب "رفض الأخر" على الأمد البعيد. مازال هناك مشاعر كره وخوف من الأخر. نتعرض لمواقف مؤسفة حتى اليوم، ونجد أئمة الجوامع تحشد المسلمين وتنصحهم بعدم الانخراط في ورش السلام ويكفٍّرون من يشارك بها متهمينهم ببيع دينهم!" ويتابع المصري "في الحقيقة، الاستمرار في شعارات النسيج الواحد هي انكار لمعاناة الناس التي هم كلهم على علم بها، بالتأكيد."

 

إن المشاهد، المعروضة في البداية، ليست متناقضة، بل بالعكس تماماً، كلها متسقة مع الإرادة السياسية، وتصب نتائجها، كما هو مخطط لها، في صالح البروبجندا وإعطاء صورة مزيفة عن الواقع، من أجل تحقيق مكاسب سياسية. لم يتغير واقع الأقباط، ولم يكن هناك نية حقيقية للتغيير.

عن: 
ماجدولين هرمينا