الزمن اللازم للقراءة: 3 دقيقة
الدريفت Drift او "التفحيط" كما يسميه العراقييون.

رياضة الأدرينالين "الدريفت Drift" للهروب من واقع الحرب.

تقرير
سيارة الموستانغ بإستعراض drifting
الشباب العراقي اختار مواجهة واقع الحرب، بممارسة رياضة سباق سيارات ال"دريفت". المصور: مصطفى الأطرقجي

"كان التجمّع في بداياته عفويّاً، لكنه شيئا فشيئا تحوّل إلى عادة أسبوعية تلقى رواجاً كبيراً لدى فئة الشباب.
سباق السيارات الـ "دريفت" رياضة يمارسها شباب العراق لنسيان الواقع الصعب."

في كل يوم جمعة، وتحديداً في منطقة الجادرية في العاصمة العراقية بغداد، تحضر مجموعة من الشباب العراقي، لممارسة سباق سيارات خطير يدعى سباق الـ "دريفت" أو drift racing .

 

ويُعتبر سباق السيارات هذا، بمثابة رد فعل مُغاير على نيران التّفجيرات ودُخانها، وعلى العنف الذي يَسري في مفاصل الحياة العراقية، حَسب ما أشار بعض المشاركين.

 

اعضاء فريق دريفت ضمن فعاليات السباق
لكي يخففو عن نفسهم اعباء واقعهم الصعب، شباب عراقيين يمارسون رياضة ال"دريفت" المصور: مصطفى الأطرقجي

 

يتكرّر مشهد سباق السّيارات الاستعراضي صباح ومساء الجمعة من كل أسبوع، حيث يأتي أصحاب السيارات الفارهة، وسيّارات السِّباق، لممارسة رياضَتِهم المُفضَّلة والتي يُطلقون عليها باللهجة العراقية الدّارجة " التَّفحيطْ".

 

ازدادت شعبية الـ "دْرِفت" أو "التَّفحيطْ" وانتشرت بسرعة بين الشباب في بغداد في الآونة الاخيرة، حيث يَعِدُّها البعض رياضةً وترفيهيةً، في حين يراها آخرون وسيلة للاحتجاج على الواقع المُعاش.

 

وسيلة للترويح عن النفس

 

يحضر إلى منطقة الجادرية مئات الموطنين لمشاهدة مسابقات "تَفْحيطْ السيارات"، وتتلخَّص فكرة هذه المسابقات، بأن يقوم المشاركون في السباق بالدوران السّريع بسياراتهم على الإسفلت، مع الضّغط المتواصل على المكابح، محدثين نتيجة ذلك سُحباً من الدخان ناجمة عن الاحتكاك الشديد لإطارات السّيارات بالإسفلت.

 

احد الجولات بسباق الدريفت
"أستغرق بالمشاهدة لدرجة أنّي أنسى كل شيء!" المصور: مصطفى الأطرقجي

 

وفي هذا الصَّدَد، يؤكد حسن فاروق أحد منظمي السباقات في الجادرية، أن هذه الألعاب تُمثّل وسيلة للترويح عن النفس بالنسبة للشباب الهاوي للمغامرات، وهي أيضاً وسيلة للخروج من دوّامة العنف والمشكلات التي تَعصِف بالبلاد. ويوضّح، أنَّ هناك العديد من الفِرق تُمارس هذا النوع من السباق، وتُصنّف هذه الفِرق حسب المنطقة السكنية للمشاركين، وأنواع سياراتهم. ويضيف، "أنَّ أعمار المشاركين غالباً ما تتراوح بين 18 – 25 عاماً، وتتولى بعض الشركات التجارية الرّاعية للسباقات، تقديم الجوائز والكؤوس للفائزين."وفي ختام حديثه، أعرب فاروق عن رغبته في أن تُعتمد هذه اللعبة بشكل رسمي من قبل اتحاد الألعاب العراقي، وأن تحظى بدعم حكومي أيضاً.

 

ينتهي السباق عادةً، بعرض للسيارات الأميركية من نوع شيفروليه Chevrolet، دودج Dodge، وموستانغ Mustang، وقد انبعثت من عادمات السيارات النار وسُحب الدخان، في استعراض شيّق يدفع المتفرجين لالتقاط الصور التذكارية.

 

لا يخفي علي حسن ابن الـ 15 عاماً وهو من متابعي هذه السباقات شعوره بالانبهار، يقول علي: “عندما أحضر هذه الفاعليات أستغرق بالمشاهدة لدرجة أنّي أنسى كل شيء!" وفي نفس الوقت، يعتبر أن الـ "دريفت" رياضة خطرة، قد تكلّف المتسابق حياته أحياناً، إلا أنه يَحلمُ بممارستها يوماً ما.

 

الرغبة في المغامرة والتجديد

 

يقول سعد اللويزي (20 عاماً) وهو أحد المشاركين بالسباق: أنَّه اختار ممارسة هذه الرياضة رغبةً منه ُفي تجربة الألعاب الخطرة والمميتة، كما أنها بشكل أو بآخر طريقة لتغيير الروتين اليومي. ويوضح، أنَّه يمتلك سيارة من نوع "دودج تشارجر" Dodge charger، وقد أجرى عليها بعض التعديلات لاستخدامها كسيارة سباق، حيث قام بتغيير نظام الهواء في المحرك، وتبديل العادم بواحد آخر أكبرَ حجماً، واستخدام غاز النتروجين للحصول على انطلاقة سريعة.

 

احدى السيارات الأمريكية المشاركة بالسباقات
لكثير من المتسابقين تصطدم سياراتهم بجدار الساحة أو بحافّة الرّصيف، مما يؤدي الى احتراق السيارة المصور: مصطفى الأطرقجي

 

ويبين اللويزي، أنه لا يوجد سوى مكان واحد لممارسة سباق الـ “دريفت” في بغداد وهو الجادرية، والسبب يعود لوجود ساحة كبيرة هناك، لكنه يستأنف قوله: بأن هذه الساحة تفتقر لأبسط مقومّات السلامة والأمان، فالكثير من المتسابقين تصطدم سياراتهم بجدار الساحة أو بحافّة الرّصيف، مما يؤدي الى احتراق السيارة أو دمارها، وإصابة السائق بكسور في العظام، أو حتى احتراق أجزاء من جسمه، ولحسن الحظ، لم تسجَّل حالات وفاة الى حتى الآن.

 

عدنان الزبيدي (24 عاما) وهو أحد المتسابقين أيضاً، لا يشاطر زميله اللويزي الرأي، حيث يرى: أنَّه حتى في البلدان الأوربية، هناك سباقات سيارات في الأراضي الوعرة والمياه وهي أكثر خطورة من سباقاتنا الاستعراضية في العراق، ويتمنى أن تُسجَّل اللعبة في الاتحاد العراقي، وبالتالي تصبح مشاركة الشباب العراقي في السباقات الدولية ممكنة، خاصة مع وجود كفاءات شابّة يمكن لها إحراز مراتب متقدمة في حال تمت رعايتها وتدريبها بشكل منظم.

 

هذ ما يؤكِّدُه أيضاً حسن عبيد (21 عاما) أحد أبطال سباق الدرّاجات سابقاً، إذ يقول: توجد لدى الشباب في العراق طاقات ومواهب كبيرة، وهم في حاجة للتعبير عنها وتطويرها، مضيفاً أنه حتى في البلدان المستقرة، توجد رياضات خطيرة يمارسها الشباب، والشباب العراقي لا يختلف عن غيره، ويرغب دوماً بالتجديد والمغامرة.

عن: 
سارة القاهر